، الإكسارخوس البطريركيّ في أفريقيا، بمناسبة عيد العنصرة المقدّس أيّها الآباء والإخوة والأخوات الأعزّاء!
تهنئة من صاحب السيادة المتروبوليت ليونيد، مطران كلين
في هذا اليوم المبارك أهنّئكم قلبيّاً بعيد العنصرة المقدّس.
يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم في كلمته بمناسبةعيد العنصرة إنّنا اليوم "وصلنا أخيراً إلى ذروة الخيرات، ودخلنا إلى قمّة الأعياد". أصبح هذا الحدث العظيم يوم أدركنا ثالوثيّة الله في أقانيمه. إذًا، في لحظة معموديّة الربّ أُعلن للبشرية، لأوّل مرّة، وجود الله في ثلاثة أقانيم. وفي يوم العنصرة، تعرّف الرسل القدّيسون وفقاً لخبرتهم الشخصيّة إلى الأقنوم الثالث للثالوث القدّوس المحيي، والذي لم يكن معروفاً لديهم قبلاً، كروح قدس منحدراً عليهم ومعلن للشعوب أسرار كون خالقهم.
في العهد القديم كان عيد العنصرة عندما احتفل الشعب باستلام الوصايا العشر على جبل سيناء من قبل النبيّ موسى، واعتبر هذا الحدث كتأسيس للكنيسة القديمة التي كرّمت الخالق الواحد والحقيقيّ. كان هذا العيد الأساس الأوّل لإقامة الاحتفال بالعهد الجديد الذي يحمل نفس الاسم، والذي أصبح عيداً نذكر فيه تأسيس الكنيسة المسيحيّة. نعلم أنّ في هذا اليوم تلقّى تلاميذ المخلّص هديّة مليئة بالنعمة من العلى، وتمكّنوا من التحدّث بلغات الأمم المختلفة، وأتيحت لهم الفرصة لتبشير الجميع من يهود وغرباء. يعتبر هذا العيد بداية وجود الكنيسة، ليس، فقط، لأنّه أصبح نقطة انطلاق البشارة الرسوليّة، ولكن، أوّلاً وقبل كلّ شيء، بسبب عطيّة الروح القدس، بما أنّه يعمل في الأسرار المقدّسة، ويعطي المؤمنين ثمار الفداء الذي تمّمه ربّنا يسوع المسيح. من دون المعزّي الصالح، الذي يعيش ويعمل في اجتماع المؤمنين، لا يمكن تصوّر الكنيسة بجوهرها.
كان بين الذين اجتمعوا في القدس في يوم العنصرة سكّان ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان (أعمال الرسل 2:9-10). فهكذا، أصبح ممثّلو أفريقيا مشاركين في نعمة الروح القدس، لأنّ في كنيسة الله "ليس يونانيّ ويهوديّ ختان وغرلة بربريّ وسكيثيّ عبد حرّ بل المسيح الكلّ وفي الكلّ" (كولوسي 3:11).
إنّ عيد العنصرة هو من أهمّ الأعياد الليتورجيّة في السنة الكنسيّة. أتمنّى لجميعكم في هذا العيد العظيم أن يهبكم الربّ الفرح الروحيّ ومعونته في تحمل فمشاقّ الحياة، وليرسل لكم القوّة ويمنحكم السلام والازدهار والعمر المديد!