May 19, 2021

يجب أن تكون المادة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، وأن تكون صحيحة بعيدة عن التناقض بين المقدمات والنتائج، فيها من العمق ما يجتذب القارئ، وفيها من التركيز ما لا يجعل من قراءتها هدراً للوقت، وفيها وفاء بالغرض، بحيث لا يُصاب قارئها بخيبة أمل، وأن يكون فيها من ا

يجب أن تكون المادة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، وأن تكون صحيحة بعيدة عن التناقض بين المقدمات والنتائج، فيها من العمق ما يجتذب القارئ، وفيها من التركيز ما لا يجعل من قراءتها هدراً للوقت، وفيها وفاء بالغرض، بحيث لا يُصاب قارئها بخيبة أمل، وأن يكون فيها من الطرافة والجدة بحيث تبتعد عن الهزيل من الرأي، والشائع من المعرفة، والسوقي من الفكر، وفيها من الإمتاع، بحيث تكون مطالعتها ترويحاً للنفس، وليس عبئاً عليها.

  • الأسلوب : هو الصياغة اللغوية والأدبية لمادة المقالة أو هو القالب الأدبي الذي تُصَبُّ فيه أفكارها،

ومع أن الكتَّاب تختلف أساليبهم، بحسب تنوع ثقافاتهم، وتباين أمزجتهم، وتعدد طرائق تفكيرهم، وتفاوتهم في قدراتهم التعبيرية، وأساليبهم التصويرية، ومع ذلك فلا بد من حدٍّ أدنى من الخصائص الأسلوبية، حتى يصح انتماء المقالة إلى فنون الأدب. فلا بد في أسلوب المقالة من الوضوح لقصد الإفهام، والقوة لقصد التأثير، والجمال لقصد الإمتاع .

فالوضوح في التفكير يفضي إلى الوضوح في التعبير، ومعرفة الفروق الدقيقة، بين المترادفات، ثم استعمال الكلمة ذات المعنى الدقيق في مكانها المناسب، سبب من أسباب وضوح التعبير ودقته (لمح ـ لاح ـ حدَّج ـ حملق ـ شخص ـ رنا ـ استشف ـ استشرف ) ووضوح العلاقات وتحديدها في التراكيب سبب في وضوح التركيب ودقته، فهناك فرق شاسع بين الصياغتين (يُسمح ببيع العلف لفلان ـ يسمح لفلان ببيع العلف).

والإكثار من الطباق يزيد المعنى وضوحاً، وقديماً قالوا: (وبضدها تتميز الأشياء) الحرُّ والقرُّ، والجود والشحُّ، والطيش والحلم واستخدام الصور عامة، والصور البيانية خاصة، يسهم في توضيح المعاني المجردة، مثال ذلك: "الأدب اليوم عصاً بيد الإنسانية، بها تسير، لا مرود تكحل به عينها . وهو نور براق يفتح الأبصار، وليس حلية ساكنة بديعة تزين الصدور.

  • القوة في الأسلوب

والقوة في الأسلوب سبب في قوة التأثير، فقد يسهم الأسلوب في إحداث القناعة، لكن قوة الأسلوب تحدث "موقفاً" وتأتي قوة الأسلوب من حيوية الأفكار، ودقتها، ومتانة الجمل، وروعتها، وكذلك تسهم في قوة الأسلوب الكلمات الموحية، والعبارات الغنية، والصورة الرائعة، والتقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، والخبر والإنشاء، والتأكيد والإسناد، والفصل والوصل.

  • جمال الأسلوب

إذا كان الوضوح من أجل الإفهام، والقوة من أجل التأثير، فالجمال من أجل المتعة الأدبية الخالصة. وحينما يملك الكاتب الذوق الأدبي المرهف والأذن الموسيقية والقدرات البيانية، يستطيع أن يتحاشى الكلمات الخشنة والجمل المتنافرة، والجرس الرتيب . وحينما يوائم بين الألفاظ والمعاني ويستوحي من خياله الصورة المعبرة، يكون أسلوبه جميلاً.